كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


قال محقق‏:‏ قد يتخذ نحو هذا الحديث البطلة والإباحية ذريعة إلى طرح التكاليف ورفع الأحكام وإبطال الأعمال ظانين أن الشهادة كافية في الخلاص وذا يستلزم طي بساط الشريعة وإبطال الحدود وللزواجر السمعية ويوجب كون الترغيب في الطاعة والتحذير من المعصية غير متضمن طائلاً وبالأصل باطلاً بل يقتضي كون الانخلاع من ربقة التكليف والانسلال عن قيد الشريعة والخروج عن الضبط والولوج في الخيط وترك الناس سدى من غير مانع ولا دافع وذلك مفض إلى خراب الدنيا والأخرى قيل وفيه أن مرتكب الكبيرة لا يخلد في النار، واعترض بأن المسألة قطعية والدليل ظني‏.‏

- ‏(‏حم م ت عن عبادة‏)‏ بن الصامت حدث به وهو في الموت وذكر أنه لو لم يصل إلى تلك الحالة لما حدث به ضناً به‏.‏

8773 - ‏(‏من شهد شهادة‏)‏ باطلة ‏(‏يستباح بها مال امرىء مسلم أو يسفك بها دمه‏)‏ ظلماً ‏(‏فقد أوجب النار‏)‏ أي فعل فعلاً ‏[‏ص 160‏]‏ أوجب له دخولها وتعذيبه بها فشهادة الزور من الكبائر‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عباس‏)‏ ورواه عنه البزار أيضاً وزاد من شرب شراباً حتى يذهب عقله الذي رزقه اللّه إياه فقد أتى باباً من أبواب الكبائر وقال الهيثمي‏:‏ وفيه حاش واسمه حسين بن قيس وهو متروك وزعم أنه شيخ صدوق رمز المصنف لحسنه‏.‏

8774 - ‏(‏من شهر سيفه‏)‏ من غمده ‏(‏ثم وضعه فدمه هدر‏)‏ أي من أخرجه من غمده للقتال وأراد بوضعه ضرب به ذكره الديلمي وابن الأثير وقيل معنى وضعه ضرب به‏.‏

- ‏(‏ن ك عن‏)‏ عبد اللّه ‏(‏بن الزبير‏)‏ بن العوام وأخرجه عنه أيضاً الطبراني مرفوعاً وخرجه النسائي موقوفاً قال ابن حجر‏:‏ والذي وصله ثقة‏.‏

8775 - ‏(‏من صام رمضان‏)‏ أي في رمضان يعني صام أيامه كلها ‏(‏إيماناً‏)‏ مفعول له أي صامه إيماناً بفرضيته أو حال أي مصدقاً أو مصدر أي صوم مؤمن ‏(‏واحتساباً‏)‏ أي طلباً للثواب غير مستثقل لصيامه ولا مستطيل لأيامه ‏(‏غفر له ما تقدم ذنبه‏)‏ اسم جنس مضاف فيشمل كل ذنب لكن خصه الجمهور بالصغائر وفي الحديث الآتي وما تأخر واستشكاله بأن الغفر الستر فكيف يتصور فيما لم يقع منع بأن من لم يقع فرض وقوعه مبالغة وفيه فضل رمضان وصيامه وأن تنال به المغفرة وبأن الإيمان وهو التصديق والاحتساب وهو الطواعية شرط لنيل الثواب والمغفرة في صوم رمضان فينبغي الإتيان به بنية خالصة وطوية صافية امتثالاً لأمره تعالى واتكالاً على وعده من غير كراهية وملالة لما يصيبه من أذى الجوع والعطش وكلفة الكف عن قضاء الوطر بل يحتسب النصب والتعب في طول أيامه ولا يتمنى سرعة انصرامه ويستلذ مضاضته فإذا لم يفعل ذلك فقد مر في حديث رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع‏.‏

قال في الروض‏:‏ قال سيبويه‏:‏ مما لا يكون العمل إلا فيه كله المحرم وصفر يريد أن الاسم العلم يتناوله اللفظ كله وكذا إذا قلنا الأحد أو الأثنين فإن قلنا يوم الأحد شهر المحرم كان ظرفاً ولم يجر مجرى المفعولات وذاك العموم من اللفظ لأنك تريد في الشهر وفي اليوم ولذلك قال صلى اللّه عليه وسلم من صام رمضان ولم يقل شهور رمضان ليكون العمل كله قال‏:‏ وهذه فائدة تساوي رحلة قال الكرماني‏:‏ ولو ترك الصوم فيه لمرض ونيته أنه لولا العذر صامه دخل في هذا الحكم كما لو صلى قاعداً لعذر فإن له ثواب القائم‏.‏

- ‏(‏حم ق‏)‏ في الصوم ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ وفي الباب غيره أيضاً‏.‏

8776 - ‏(‏من صام رمضان إيماناً‏)‏ تصديقاً بثواب اللّه أو أنه حق ‏(‏واحتساباً‏)‏ لأمر اللّه به طالباً الأجر أو إرادة وجه اللّه لا لنحو رياء فقد يفعل المكلف الشيء معتقداً أنه صادق لكنه لا يفعله مخلصاً بل لنحو خوف أو رياء ‏(‏غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر‏)‏ قال الكرماني‏:‏ من متعلق بغفر أي غفر من ذنبه ما تقدم فهو منصوب المحل أو مبينة لما تقدم فهو منصوب وهو مفعول ما لم يسم فاعله فمرفوع المحل والذنب وإن كان عاماً إلا أنه اسم جنس مضاف فيقتضي مغفرة كل ذنب حتى تبعات الناس لكن علم من الأدلة الخارجية أن حقوق الخلق لا بد فيها من رضا الخصم فهو عام خص بحق اللّه إجماعاً بل وبالصغائر عند قوم وظاهره أن ذلك لا يحصل إلا بصومه كله فإن صام بعضه وأفطر بعضه لعذر كمرض وكان لولاه لصام لأنه جاز الثواب لتقدم نية ذكره ابن جماعة، والصوم أقسام‏:‏ صيام العوام عن مفسدات الصيام، وصوم الخواص عنها وعن إطلاق الجوارح في غير طاعة، وصوم خواص الخواص حفظ قلوبهم عما سوى اللّه ففطرهم ظاهراً كفطر المسلمين ولا يفطرون باطناً إلى يوم الدين فإذا شاهدوا مولاهم ونظروا إليه عياناً أفطروا‏.‏

- ‏(‏خط عن ابن عباس‏)‏ ورواه أيضاً أحمد والطبراني بهذه الزيادة، قال الهيثمي‏:‏ ورجاله موثقون إلا أن حماداً شك في وصله وإرساله وقال في اللسان في ترجمة عبد اللّه العمري بعد ما نقل عن النسائي‏:‏ إنه رماه بالكذب ومن ‏[‏ص 161‏]‏ مناكيره هذا الخبر وما تقدم قال‏:‏ تفرد العمري بقوله وما تأخر وقد رواه الناس بدونها‏.‏

8777 - ‏(‏من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال‏)‏ لم يقل ستة مع أن العدد مذكر لأنه إذا حذف جاز الوجهان ‏(‏كان كصوم الدهر‏)‏ في أصل التضعيف لا في التضعيف الحاصل بالفعل إذ المثلية لا تقتضي المساواة من كل وجه، نعم يصدق على فاعل ذلك أنه صام الدهر مجازاً فأخرجه مخرج التشبيه للمبالغة والحث وهذا تقرير يشير إلى أن مراده بالدهر السنة وبه صرح بعضهم لكن استبعده بعض آخر قائلاً‏:‏ المراد الأبد لأن الدهر المعرّف باللام للعمر، وخص شوال لأنه زمن يستدعي الرغبة فيه إلى الطعام لوقوعه عقب الصوم فالصوم حينئذ أشق فثوابه أكثر، وفيه ندب صوم الستة المذكورة وهو مذهب الشافعي قال الزاهدي‏:‏ وصومها متتابعاً أو متفرقاً يكره عند أبي حنيفة وعن أبي يوسف يكره متتابعاً لا متفرقاً ‏[‏قال الحصكفي في شرح التنوير‏:‏ وندب صوم الست من شوال ولا يكره التتابع على المختار خلافاً للثاني والاتباع المكروه أن يصوم الفطر وخمسة بعده فلو أفطر الفطر لم يكره بل يستحب ويسن‏]‏ وعن مالك يكره مطلقاً‏.‏

- ‏(‏حم م 4‏)‏ كلهم في الصوم واللفظ لمسلم ولفظ أبي داود فكأنما صام الدهر ‏(‏عن أبي أيوب‏)‏ الأنصاري ولم يخرجه البخاري‏.‏ قال الصدر المناوي‏:‏ وطعن فيه من لا علم عنده وغره قول الترمذي حسن والكلام في راويه وهو سعد بن سعيد، واعتنى العراقي بجمع طرقه فأسنده عن بضعة وعشرين رجلاً رووه عن سعد بن سعيد أكثرهم حفاظ أثبات‏.‏

8778 - ‏(‏من صام رمضان وستاً من شوال والأربعاء والخميس دخل الجنة‏)‏ بالمعنى المار‏.‏ قال بعض موالي الروم‏:‏ قوله الأربعاء والخميس يحتمل أن يكونا من شوال غير الستة منه ويحتمل أن يكونا من جميع الشهور وهو الظاهر‏.‏

- ‏(‏حم عن رجل‏)‏ من الصحابة قال الهيثمي‏:‏ فيه من لم يسم وبقية رجاله ثقات‏.‏

8779 - ‏(‏من صام ثلاثة أيام من كل شهر‏)‏ قيل الأيام البيض وقيل أي ثلاث كانت ‏(‏فقد صام الدهر كله‏)‏ وفي رواية فذلك صوم الدهر كله ووجهه أن صوم كل يوم حسنة و‏{‏من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها‏}‏ فمن صام ثلاثاً من كل شهر فكأنه صام الشهر كله‏.‏

- ‏(‏حم ت ن ه والضياء‏)‏ المقدسي ‏(‏عن أبي ذر‏)‏ قال الديلمي‏:‏ وفي الباب أبو هريرة وغيره‏.‏

8780 - ‏(‏من صام يوماً في سبيل اللّه‏)‏ أي للّه ولوجهه أو في الغزو أو الحج ‏(‏بعد اللّه وجهه‏)‏ أي ذاته، والعرب تقول وجه الطريق تريد به عينه ‏(‏عن النار‏)‏ أي نجاه منها أو عجل إخراجه منها قبل أوان الاستحقاق، عبر عنه بطريق التمثيل ليكون أبلغ لأن من كان مبعداً عن عدوه بهذا القدر لا يصل إليه ألبتة ‏(‏سبعين خريفاً‏)‏ أي سنة أي نحاه وباعده عنها مسافة تقطع في سبعين سنة إذ كل ما مر خريف انتقضت سنة قيل لأنه آخر فصولها الأربع فهو من إطلاق اسم البعض على الكل وذكر الخريف من ذكر الجزء وإرادة الكل، وخصه دون غيره من الفصول لأنه وقت بلوغ الثمار وحصول سعة العيش وذلك لأنه جمع بين تحمل مشقة الصوم ومشقة الغزو فاستحق هذا التشريف وذكر السبعين على عادة العرب في التكثير لكن هذا مقيد في الغزو بما إذا لم يضعفه الصوم عن القتال وإلا ففطره أفضل من ‏[‏ص 162‏]‏ صومه‏.‏

- ‏(‏حم ق ت ن عن أبي سعيد‏)‏ الخدري‏.‏

8781 - ‏(‏من صام يوم عرفة غفر اللّه له سنتين سنة أمامه وسنة خلفه‏)‏ وفي رواية لمسلم يكفر السنة التي قبله أي التي هو فيها والسنة التي بعده أي التي بعدها أي الذنوب الصادرة في العامين‏.‏ قال النووي‏:‏ والمراد غير الكبائر، وقال البلقيني‏:‏ الناس أقسام‏:‏ منهم من لا صغائر له ولا كبائر فصوم عرفة له رفع درجات، ومن له صغائر فقط بلا إصرار فهو مكفر له باجتناب الكبائر، ومن له صغائر مع الإصرار فهي التي تكفر بالعمل الصالح كصلاة وصوم، ومن له كبائر وصغائر فالمكفر له بالعمل الصالح الصغائر فقط، ومن له كبائر فقط يكفر عنه بقدر ما كان يكفر من الصغائر‏.‏

- ‏(‏ه عن قتادة بن النعمان‏)‏ رمز المصنف لصحته مع أن فيه هشام بن عمار، وفيه مقال سلف، وعياض بن عبد اللّه قال في الكاشف‏:‏ قال أبو حاتم‏:‏ ليس بقوي‏.‏

8782 - ‏(‏من صام يوماً من المحرم فله بكل يوم ثلاثون حسنة‏)‏ ومن ثم ذهب جمع إلى أن أفضل الصيام بعد رمضان المحرم وخصه بالذكر لأنه أول السنة فمن عظمه بالصوم الذي هو من أعظم الطاعات جوزي بإجزال الثواب ولا تعارض بين قوله ثلاثون حسنة وبين آية ‏{‏من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها‏}‏ لأن الآية مبينة لأقل رتب الثواب ولا حد لأكثره كما يفهمه ‏{‏ليلة القدر خير من ألف شهر‏}‏‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عباس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه الهيثم بن حبيب ضعفه الذهبي‏.‏

8783 - ‏(‏من صام يوماً تطوّعاً لم يطلع عليه أحد‏)‏ من الناس ‏(‏لم يرض اللّه له بثواب دون الجنة‏)‏ أي دخولها بغير عذاب أو مع السابقين الأولين والظاهر أنه لو أخفاه جهده فاطلع عليه غيره اضطراراً لا اختياراً منه أنه لا يضر في حصول الجزاء المذكور لأن المقصود بالجزاء من صام لوجه اللّه من غير شوب رياء بوجهه وذلك حاصل‏.‏

- ‏(‏خط عن سهل بن سعد‏)‏ وفيه عصام بن الوضاح قال الذهبي‏:‏ له مناكير قال ابن حبان‏:‏ لا يجوز الاحتجاج به‏.‏

8784 - ‏(‏من صام الأبد‏)‏ أي سرد الصوم دائماً ‏(‏فلا صام ولا أفطر‏)‏ قال الزمخشري‏:‏ لا نافية بمنزلتها في قوله تعالى ‏{‏فلا صدّق ولا صلى‏}‏ اهـ، وقال النووي‏:‏ هذا دعاء عليه أو إخبار بأنه كالذي لم يفعل شيئاً لأنه اعتاد ذلك لم يجد رياضة ولا مشقة يتعلق بها مزيد ثواب فكأنه لم يصم اهـ‏.‏ ونوزع في الأول بأن الدعاء إنما يكون في مقابلة فعل منكر أو قبيح ولا كذلك صوم الدهر من حيث إنه صوم فلا يحسن الدعاء عليه وفي الثاني بمنع عدم حصول المشقة لأن الصوم ليس كالفطر فلا يخلو عن مشقة غايته أن فطر يوم وصوم يوم أشق فالأولى أن يقال معناه أن صومه وفطره سواء لا ثواب ولا عقاب فلا ينبغي فعله وزعم أن هذا فيمن لم يفطر الأيام المبينة ردّه ابن القيم بأنه ذكر ذلك جواباً لمن قال أرأيت من صام الدهر ولا يقال في جواب من صام حراماً لا صام ولا أفطر فإن ذا مؤذن بأن فطره وصومه سواء كما تقرر ولا كذلك من صام الحرام فصوم يوم وفطر يوم أفضل‏.‏

- ‏(‏حم ن ه ك‏)‏ في الصوم ‏(‏عن عبد اللّه بن الشخير‏)‏ قال الحاكم‏:‏ صحيح وأقره الذهبي‏.‏

8785 - ‏(‏من صام ثلاثة أيام من شهر حرام‏:‏ الخميس والجمعة والسبت‏)‏ بين الثلاثة أيام بقوله الخميس والجمعة والسبت ولم ‏[‏ص 163‏]‏ يبين شهر حرام وقد قيل يحتمل أنه ليعمه كما بين في تفسير قوله ‏{‏الشهر الحرام‏}‏ ووجه كتابة سنتين أن صوم الثلاثة أيام يمنزلة عبادة سنة وكونها من شهر حرام بمنزلة عبادة سنة ‏(‏كتب له عبادة سنتين‏)‏ وظاهر الحديث حصول هذا الثواب الموعود وإن لم يداوم وفضل اللّه واسع‏.‏

- ‏(‏طس‏)‏ من حديث يعقوب بن موسى المدني عن مسلمة ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك، قال الهيثمي‏:‏ ويعقوب مجهول ومسلمة إن كان الخشني فهو ضعيف وإن كان غيره فلم أعرفه‏.‏

8786 - ‏(‏من صام يوماً لم يخرقه كتب له عشر حسنات‏)‏ لأن صومه حسنة والحسنة تضاعف بالعشر والمراد كما في الإتحاف لم يخرقه بما نهى الصائم عنه وقال بعض موالي الروم‏:‏ ضمير الفاعل فيه عائد إلى الصوم ويحتمل عوده إلى اليوم الذي صام فيه وكيفما كان فمعناه أنه لم يصدر منه شيء من المنكرات في ذلك اليوم وإلا أحبط ثوابه فلا يكتب له شيء، وفي قوله لم يخرقه استعارة تعرف بالتأمل‏.‏

- ‏(‏د حم‏)‏ وكذا الطبراني في الأوسط ‏(‏عن البراء‏)‏ بن عازب وفيه خباب الكلبي مدلس ذكره الهيثمي‏.‏

8787 - ‏(‏من صبر على القوت الشديد‏)‏ أي المعيشة الضيقة والفقر المدقع ‏(‏صبراً جميلاً‏)‏ أي من غير تضجر ولا شكوى بل رضاء بالقضاء والقدر امتثالاً لقوله تعالى ‏{‏إن اللّه مع الصابرين‏}‏ ‏(‏أسكنه اللّه من الفردوس حيث شاء‏)‏ مكافأة له على صبره على الضيق والضنك في الدنيا والفردوس أعلى درجات الجنة وأصله البستان الذي يجمع محاسن كل بستان قال بعض موالي الروم‏:‏ والظاهر أن إضافة الجنة إلى الفردوس أي الواقع في بعض الروايات من إضافة العام إلى الخاص كشجر أراك وعلم الفقه ويوم الأحد وقيل من قبيل الإضافة البيانية‏.‏

- ‏(‏أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏‏)‏ بن حبان في الثواب ‏(‏عن البراء‏)‏ بن عازب وفيه إسماعيل بن عمرو البجلي قال الذهبي‏:‏ ضعفوه وفضيل بن مرزوق ضعفه ابن معين وغيره، وظاهر صنيع المصنف أن ذا لم يخرجه أحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز في الديباجة مع أن الطبراني خرجه باللفظ المزبور عن البراء المذكور قال الهيثمي‏:‏ وفيه إسماعيل البجلي ضعفه الجمهور وبقية رجاله رجال الصحيح‏.‏

8788 - ‏(‏من صدع رأسه‏)‏ أي حصل له وجع في رأسه والصداع وجع الرأس ويقال هو وجع أحد شقي الرأس والمتبادر من الحديث الأول لكن يكون من قبيل التجريد كقوله ‏{‏سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً‏}‏ الآية ‏(‏في سبيل اللّه‏)‏ أي في الجهاد أو الحج أو نحو ذلك ‏(‏فاحتسب‏)‏ أي طلب بذلك الثواب من عند اللّه ‏(‏غفر اللّه له ما كان قبل ذلك من ذنب‏)‏ مكافأة له على ما قاساه من مشقة السفر والغربة ومشقة الوجع، ويؤخذ منه أنه نبه بالصداع على غيره من الأمراض لا سيما إن كان أشق والظاهر أن المراد الصغائر‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا البزار ‏(‏عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص قال المنذري والهيثمي‏:‏ سنده حسن‏.‏

8789 - ‏(‏من صرع عن دابته‏)‏ في سبيل اللّه فمات ‏(‏فهو شهيد‏)‏ أي من شهداء المعركة إن كان سقوطه بسبب القتال وعلى ذلك ترجم البخاري ـ باب فضل من صرع في سبيل اللّه فمات فهو منهم ـ أي من المجاهدين، فلما كان الحديث ليس على شرطه أشار إليه بالترجمة وفي الباب ما رواه أبو داود والحاكم والطبراني عن أبي مالك الأشعري مرفوعاً ومن وقصه فرسه أو بعيره في سبيل اللّه أو لدغته هامة أو مات على أي حتف شاء اللّه فهو شهيد، والصرع كما في القاموس وغيره الطرح ‏[‏ص 164‏]‏ على الأرض وعلة معروفة تمنع الأعضاء النفيسة عن أفعالها منعاً غير تام وسببه شدة تعرض في بعض بطون الدماغ أو في بعض مجاري الأعضاء من خلط غليظ أو لزج فيمنع الروح عن السلوك فيها سلوكاً طبيعياً فتتشنج الأعضاء والمراد بالحديث السقوط عن الدابة حال قتال الكفار بسببه على أي وجه كان إما بطرح الدابة له أبو بعروض تلك العلة في تلك الحالة عروضاً ناشئاً عن القتال كأن أورثه شدة الانفعال‏.‏

- ‏(‏طب عن عقبة بن عامر‏)‏ الجهني قال الهيثمي‏:‏ رجاله ثقات وقال ابن حجر‏:‏ إسناده حسن‏.‏

8790 - ‏(‏من صلى الصبح‏)‏ في رواية مسلم في جماعة وهي مقيدة للإطلاق ‏(‏فهو في ذمة اللّه‏)‏ بكسر الذال عهده أو أمانه أو ضمانه فلا تتعرضوا له بالأذى ‏(‏فلا يتبعنكم اللّه‏)‏ ولفظ رواية مسلم فلا يطلبنكم اللّه وفي رواية الترمذي فلا تخفروا اللّه ‏(‏بشيء من ذمته‏)‏ قال ابن العربي‏:‏ هذا إشارة إلى أن الحفظ غير مستحيل بقصد المؤذي إليه لكن الباري سيأخذ حقه منه في إخفار ذمته فهو إخبار عن إيقاع الجزاء لا عن وقوع الحفظ من الأذى، وقال البيضاوي‏:‏ ظاهره النهي عن مطالبته إياهم بشيء من عهده لكن المراد نهيهم عن التعرض لما يوجب المطالبة في نقض العهد واختفار الذمة لا على نفس المطالبة قال‏:‏ ويحتمل أن المراد بالذمّة الصلاة المقتضية للأمان، فالمعنى لا تتركوا صلاة الصبح ولا تتهاونوا في شأنها فينتقض العهد الذي بينكم وبين ربكم فيطلبكم اللّه به ومن طلبه اللّه للمؤاخذة بما فرط في حقه أدركه ومن أدركه كبه على وجهه في النار، وذلك لأن صلاة الصبح فيها كلفة وتثاقل فأداؤها مظنة إخلاص المصلي والمخلص في أمان اللّه وقال الطيبي‏:‏ قوله لا يطلبنكم أو لا يتبعنكم فيه مبالغات لأن الأصل لا تخفروا ذمته فجيء بالنهي كما ترى وصرح به بضمير اللّه ووضع المنهي الذي هو مسبب موضع التعرض الذي هو سبب فيه ثم أعاد الطلب وكرر الذمة ورتب عليه الوعيد، والمعنى أن من صلى الصبح فهو في ذمة اللّه فلا تتعرضوا له بشيء ولو يسيراً فإنكم إن تعرضتم يدرككم ولن تفوتوه فيحيط بكم من جوانبكم والضمير في ذمته يعود للّه لا إلى من تعرضتم‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في الصلاة ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ رمز لحسنه وقضية صنيع المصنف أن ذا مما لم يخرج في أحد الصحيحين وهو ذهول فقد خرجه مسلم في الصلاة باللفظ المزبور وزاد ما سمعته‏.‏

8791 - ‏(‏من صلى ركعة من الصبح ثم طلعت الشمس فليصل الصبح‏)‏ أي فليتمها بأن يأتي بركعة أخرى وتكون أداء فلا دلالة فيه على قول أبي حنيفة إن طلوع الشمس في صلاة الصبح مفسد لها وتوجيه الحديث على ما قيل النهي عن الصلاة في الأوقات المكروهة خلاف الظاهر على أن بعضهم نازع في نسبة ذلك إليه، وخص الصبح لا لاختصاصها بهذا الحكم بل لأن ذلك يغلب فيها لغلبة النوم‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في الصلاة من حديث أبي النضر أحمد بن عتيق المروزي ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ ثم قال‏:‏ على شرطهما إن كان ابن عتيق حفظه وهو ثقة ورواه الدارقطني بهذا اللفظ من حديث بشير بن نهيك عن أبي هريرة وقال‏:‏ أبو نهيك وثقه النسائي وغيره وقال أبو حاتم‏:‏ لا يحتج به‏.‏

8792 - ‏(‏من صلى البردين‏)‏ بفتح الموحدة وسكون الراء صلاة الفجر والعصر لأنهما في بردي النهار أي طرفيه، والمراد أداؤهما وقت الاختيار ‏(‏دخل الجنة‏)‏ مفهومه أن من لم يصلهما لا يدخلها وهو محمول على المستحل أو أراد دخولها ابتداء من غير عذاب وعبر بالماضي عن المضارع لمزيد التأكيد بجعل متحقق الوقوع كالواقع وخصهما لزيادة شرفهما أو لأنهما مشهودتان تشهدهما ملائكة الليل والنهار أو لكونهما ثقيلتان مشقتان على النفوس لكونهما وقت التشاغل والتثاقل ومن راعاهما راعى غيرهما بالأولى ومن حافظ عليهما فهو على غيرهما أشد محافظة وما عسى يقع منه تفريط ‏[‏ص 165‏]‏ فبالحرى أن يقع مكفراً فيغفر له ويدخل الجنة ذكره القاضي وهكذا كله بناء على أن من شرطية، وقوله دخل الجنة جواب الشرط، وذهب الفراء إلى أنها موصولة والمراد الذين يصلوهما أول ما فرضت الصلاة ثم ماتوا قبل فرض الخمس لأنها فرضت أولاً ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي ثم فرضت الخمس فهو خبر عن ناس مخصوصين، وهذا غريب‏.‏

- ‏(‏م عن أبي موسى‏)‏ الأشعري قضيته أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه وهو ذهول فقد عزاه الديلمي للشيخين معاً في الصلاة‏.‏

8793 - ‏(‏من صلى الفجر‏)‏ أي صلاة الفجر بإخلاص وفي رواية صلاة الصبح ‏(‏فهو في ذمّة اللّه‏)‏ أي في أمانته وخص الصبح لأن فيها كلفة لا يواظبها إلا خالص الإيمان فيستحق الأمان ‏(‏وحسابه على اللّه‏)‏ أي فيما يخفيه وهو تشبيه أي كالواجب عليه في تحقق وقوع محاسبته على ما يخفيه من رياء أو غيره فيثيب المخلص ويجازي المسيء بعدله أو يعفو عنه بفضله وزعم أن المراد حسابه على اللّه فيما يفرط منه من الذنوب في غير الصلاة فإنه وإن حفظ من المحن ذلك اليوم بصلاته إياها لكنه إذا فرط منه ذنب آخر قد يؤاخذ به في الآخرة لا يخفى ما فيه من التكلف وقول بعض موالي الروم معناه أنه لا يعرف قدر ثوابه إلا اللّه بعيد‏.‏

- ‏(‏طب عن والد أبي مالك الأشجعي‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه الهيثم بن يمان ضعفه الأزدي وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ ورواه مسلم بلفظ من صلى الصبح فهو في ذمة اللّه فلا يطلبنكم اللّه بشي من ذمّة فإنه من يطلبه من ذمته بشيء فيدركه فيكبه في نار جهنم‏.‏

8794 - ‏(‏من صلى الغداة‏)‏ أي الصبح مخلصاً ‏(‏كان في ذمة اللّه حتى يمسي‏)‏ أي يدخل في المساء قال بعضهم‏:‏ والظاهر أن القيد معتبر في الحديث الذي قبله وما كان من قبيله وأفاد الحديث التهديد الأبلغ والوعيد الأشد على إخفار ذمة الملك القهار والتحذير من إيذاء من صلى الغداة وفي رواية لأبي داود من صلى الفجر ثم قعد بذكر اللّه حتى تطلع الشمس وجبت له الجنة‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب‏.‏

8795 - ‏(‏من صلى العشاء في جماعة‏)‏ أي معهم ‏(‏فكأنما قام نصف الليل‏)‏ أي اشتغل بالعبادة إلى نصف الليل ‏(‏ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله‏)‏ نزل صلاة كل من طرفي الليل منزلة نوافل نصفه ولا يلزم منه أن يبلغ ثوابه ثواب من قام الليل كله لأن هذا تشبيه في مطلق مقدار الثواب ولا يلزم من تشبيه الشيء بالشيء أخذه بجميع أحكامه ولو كان قدر الثواب سواء لم يكن لمصلي العشاء والفجر جماعة منفعة في قيام الليل غير التعب ذكره البيضاوي‏.‏ وقال الطيبي‏:‏ لم يرد بقوله فكأنما صلى الليل كله ولم يقل قام ليشاكل قوله صلى الصبح‏.‏

- ‏(‏حم م‏)‏ في الصلاة من حديث عبد الرحمن بن أبي عمرة ‏(‏عن عثمان‏)‏ بن عفان قال عبد الرحمن‏:‏ دخل عثمان المسجد بعد صلاة المغرب فقعد وحده فقعدت إليه فقال‏:‏ يا ابن أخي سمعت رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وآله وسلم يقول فذكره، وظاهره أنه من تفردات مسلم عن صاحبه وعن بقية الستة وليس كذلك بل رواه أبو داود والترمذي عن عثمان أيضاً نعم هو مما تفرد به عن البخاري‏.‏

8796 - ‏(‏من صلى العشاء في جماعة‏)‏ أي معهم أي ثم صلى الصبح في جماعة كما قيد به في روايات أخر ‏(‏فقد أخذ بحظه من ليلة القدر‏)‏ أخذ به الشافعي فقال في القديم ‏:‏من شهد العشاء والصبح ليلة القدر فقد أخذ بحظه منها، قال أبو زرعة‏:‏ ولا يعرف له في الجديد ما يخالفه، وفي المجموع ما نص عليه في القديم ولم يتعرض له في الحديث بموافقة ولا مخالفة فهو ‏[‏ص 166‏]‏ مذهبه بلا خلاف‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي أمامة‏)‏ رمز لحسنه قال الحافظ العراقي‏:‏ فيه مسلمة بن علي وهو ضعيف وذكره مالك في الموطأ بلاغاً عن سعيد بن المسيب اهـ‏.‏ وقال الهيثمي‏:‏ فيه مسلمة وهو ضعيف ورواه الخطيب في التاريخ من حديث أنس بلفظ من صلى ليلة القدر العشاء والفجر في جماعة فقد أخذ من ليلة القدر بالنصيب الوافر‏.‏

8797 - ‏(‏من صلى في اليوم والليلة‏)‏ وفي رواية في كل يوم وليلة ‏(‏اثنتي عشرة ركعة‏)‏ في رواية مسلم سجد بدل ركعة ‏(‏تطوعاً بنى اللّه له بيتاً في الجنة‏)‏ ذكر اليوم دون الليلة وأن السنن الرواتب فيهما كما بينه خبر مسلم لأن ذلك كان معلوماً عندهم، والمراد الحث على المداومة أو لأن أكثر الصلاة في اليوم، وفيه رد على مالك في قوله لا راتبة لغير الفجر وهذا الحديث له تنمة عند الترمذي عن أم حبيبة وهي بعد قوله في الجنة أربعاً قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل صلاة الفجر‏.‏

- ‏(‏حم م د ن ه عن أم حبيبة‏)‏ قالت‏:‏ فما تركتهن منذ سمعتهن وصحح الحاكم إسناده ولم يخرجه البخاري‏.‏

8798 - ‏(‏من صلى قبل الظهر أربعاً غفر له ذنوبه يومه ذلك‏)‏ يعني الصغائر كما مرّ والأربع قبيل الظهر من السنن الرواتب لكن المؤكد منها ثنتان والأفضل أن يصلي الأربع بتسليمتين عند الشافعية وبتسليمة واحدة عند الحنفية وفيه الصلاة الواحدة قد يرجى منها غفران ذنوب كثيرة وأن الثواب من فضله تعالى وكرمه إذ لا يستحق العبد بأربع ركعات غفران عدد ذنوب ولو كان على حكم الجزاء وتقدير الثواب بالفعل كانت الصلاة الواردة تكفر سيئة واحدة كما مر‏.‏

- ‏(‏خط‏)‏ في ترجمة أبي سليمان الداراني من حديثه وماله غيره ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك وفيه محمد بن عمر بن الفضل قال الذهبي‏:‏ متهم بالكذب‏.‏

8799 - ‏(‏من صلى قبل الظهر أربعاً كان له‏)‏ من الأجر ‏(‏كعدل رقبة‏)‏ أي مثل عتق نسمة ‏(‏من بني إسماعيل‏)‏ خصه لشرفه ولكونه أبا العرب ولمناسبته لعتقه في القصة المعروفة بناء على أنه الذبيح فأفاد أن للفرائض رواتب وهو رأي الجمهور وقال مالك‏:‏ لا رواتب ولا توقيت لما عدا ركعتي الفجر‏.‏

- ‏(‏طب عن رجل‏)‏ من الأنصار رمز لحسنه قال الهيثمي‏:‏ وفيه عمرو الأنصاري والرجل الأنصاري لم أعرفهما وبقية رجاله ثقات‏.‏

8800 - ‏(‏من صلى الضحى أربعاً وقبل الأولى أربعاً بنى له بيت في الجنة‏)‏ وفي رواية بنى اللّه له بيتاً في الجنة والظاهر أن المراد بقوله وقبل الأولى الظهر فإنها أول الصلوات المفروضة في ليلة الإسراء وهي أول الفرائض المفعولة في الضحى والضحى كما يراد به صدر النهار يراد به النهار كما في قوله تعالى ‏{‏أن يأتيهم بأسنا ضحى‏}‏ في مقابلة قوله ‏{‏بياتاً‏}‏ وفيه ندب صلاة الضحى وهو المذهب المنصور وزعم أنها بدعة مؤول قال الحافظ العراقي‏:‏ وقد اشتهر بين العوام أن من صلاها ثم قطعها عمي فتركها كثير خوفاً من ذلك ولا أصل له‏.‏

- ‏(‏طس عن أبي موسى‏)‏ الأشعري رمز لحسنه قال الهيثمي في موضع‏:‏ فيه جماعة لم أجد من ترجمهم وفي موضع‏:‏ فيه جماعة لا يعرفون‏.‏

8801 - ‏(‏من صلى قبل العصر أربعاً‏)‏ من الركعات ‏(‏حرمه اللّه على النار‏)‏ هذا لفظ الطبراني في الكبير ولفظه في الأوسط ‏[‏ص 167‏]‏ لم تمسه النار وإلى ندب أربع قبل العصر ذهب الشافعي لكنها عنده غير مؤكدة وخالف الحنفية وأولوا الحديث بأنه ليس لبيان سنة العصر بل لمجرد بيان أن من صلى قبله أربعاً تطوعاً حرم على النار‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص قال‏:‏ جئت ورسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وآله وسلم قاعد في أناس من أصحابه فيهم عمر فأدركته في آخر الحديث ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول من صلى إلخ فقلت‏:‏ هذا حديث جيد فقال عمر بن الخطاب‏:‏ ما فاتك من صدر الحديث أجود قلت‏:‏ فهات حدثنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه من شهد أن لا إله إلا اللّه دخل الجنة، رمز لحسنه، قال الهيثمي‏:‏ فيه عبد الكريم أبو أمية ضعيف وعزاه أعني الهيثمي في موضع آخر إلى أوسط الطبراني وقال‏:‏ فيه حجاج بن نصير الأكثر على ضعفه‏.‏

8802 - ‏(‏من صلى بعد المغرب ركعتين قبل أن يتكلم‏)‏ أي بشيء من أمور الدنيا ويحتمل الاطلاق ‏(‏كتبتا‏)‏ بالبناء للمفعول والفاعل الملائكة بإذن ربهم وفي رواية رفعتا له ‏(‏في عليين‏)‏ علم لديوان الخير الذي دون فيه كل ما عملته الملائكة وصلحاء النقلين سمي به لأنه سبب الارتفاع إلى أعلى الجنة أو لأنه مرفوع في السماء السابعة حيث يكون الكروبيون والمغرب في الأصل اسم زمان مفعل من الغروب وتسمى صلاة المغرب صلاة الشاهد لطلوع نجم حينئذ يسمى الشاهد نسبت إليه وما قيل إنه لاستواء الشاهد والحاضر والمسافر في عددها فضعيف إذ الصبح لا تقصر ولا تسمى كذلك‏.‏

- ‏(‏عب عن مكحول مرسلاً‏)‏ ورواه عنه أيضاً ابن أبي شيبة وعبد الرزاق ورواه في مسند الفردوس مسنداً عن ابن عباس بلفظ من صلى أربع ركعات بعد المغرب قبل أن يكلم أحداً رفعت له في عليين وكان كمن أدرك ليلة القدر في المسجد الأقصى قال الحافظ العراقي‏:‏ وسنده ضعيف‏.‏

8803 - ‏(‏من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم فيما بينهن بسوء عدلن له بعبادة ثنتي عشرة سنة‏)‏ قال البيضاوي‏:‏ إن قلت كيف تعدل العبادة القليلة الكثيرة فإنه تضييع لما زاد من العمل الصالح وقد قال تعالى ‏{‏إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً‏}‏ قلت‏:‏ الفعلان إذا اختلفا نوعاً فلا إشكال إذ القدر اليسير من جنس قد يزيد في القيمة والبدل على ما يزيد مقداره ألف مرة وأكثر من جنس آخر وإن اتفقا فلعل القليل يكتسب بمقارنة ما يخصه من الأوقات والأحوال ما يرجحه عللا أمثاله ثم إن من العبادات يتضاعف ثوابها عشرة أضعاف على مراتب العبادات كما قال عليه الصلاة والسلام الصدقة بعشر أمثالها والقرض بسبعين فلعل القليل في هذا الوقت والحال بسببها يضاعف أكثر ما يضاعف الكثير في غيرهما فيعادل المجموع المجموع، ويحتمل أن المراد أن ثواب القليل مضعفاً يعادل ثواب الكثير غير مضعف وهذا الكلام سؤالاً وجواباً يجري في جميع نظائره اهـ‏.‏ وقال الطيبي‏:‏ هذا وأمثاله من باب الحث والترغيب فيجوز أن يفضل ما لا يعرف فضله على ما يعرف وإن كان أفضل حثاً وتحريضاً‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في الصلاة ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال الترمذي‏:‏ غريب ضعيف اهـ‏.‏ وذلك لأن فيه عمر بن أبي خثعم قال البخاري‏:‏ منكر الحديث وضعفه جداً وقال ابن حبان‏:‏ لا يحل ذكره إلا على سبيل القدح بضع الحديث على الثقات‏.‏

8804 - ‏(‏من صلى ما بين المغرب والعشاء فإنها‏)‏ في رواية فإن ذلك ‏(‏صلاة‏)‏ في رواية من صلاة ‏(‏الأوابين‏)‏ ثم تلى قوله تعالى ‏{‏إنه كان للأوابين غفوراً‏}‏ قال الزمخشري‏:‏ هم التوابون الرجاعون عن المعاصي والأوب والتوب والثوب أخوات والقصد والإيذان بفضل الصلاة فيما بين العشاءين وهي ناشئة الليل وهي تذهب بملاغات النهار وتهذب آخره قال ‏[‏ص 168‏]‏ الغزالي‏:‏ وإحياء ما بين العشاءين سنة مؤكدة لها فضل عظيم وقيل إنه المراد بقوله سبحانه وتعالى ‏{‏تتجافى جنوبهم عن المضاجع‏}‏ وفي الكشاف عن علي بن الحسين أنه كان يصلي بينهما ويقول أما سمعتم قوله تعالى ‏{‏إن ناشئة الليل هي أشد وطأً‏}‏ ولم يبين عدة صلاة الأوابين تنبيهاً على الإكثار من الصلاة بينهما زيادة على سنة المغرب والعشاء قال بعض موالي الروم‏:‏ والظاهر أن خبر من في الحديث محذوف تقديره من صلى ما بين المغرب والعشاء يكون في زمرة الأوابين المقبولين عند اللّه لمشاركتهم إياهم في تلك الصلاة فقوله فإنها صلاة الأوابين، أشار إلى أنه علة الحكم المحذوف وقائم مقامه‏.‏

- ‏(‏ابن نصر‏)‏ في كتاب الصلاة ‏(‏عن محمد بن المنكدر‏)‏ ـ ‏(‏مرسلاً‏)‏ ورواه عنه أيضاً ابن المبارك في الرقائق‏.‏

8805 - ‏(‏من صلى بين المغرب والعشاء عشرين ركعة بنى اللّه له بيتاً في الجنة‏)‏ قال المظهر‏:‏ المفهوم من الحديث أن السنة المذكورة في الحديث المار والعشرين في هذا الحديث هي مع الركعتين الراتبتين وقال ابن الصلاح‏:‏ فيه ندب صلاة الرغائب لأنه مخصوص بما بين العشاءين فهو يشملها من جهة أن اثنى عشر داخلة في عشرين وما فيها من الأوصاف الزائدة لا يمنع من الدخول في العموم وخالفه ابن عبد السلام‏.‏

- ‏(‏ه عن عائشة‏)‏ ورواه الترمذي عنها مقطوع السند‏.‏

8806 - ‏(‏من صلى ست ركعات بعد المغرب قبل أن يتكلم‏)‏ يحتمل الإطلاق ويحتمل أن المراد الكلام السوء أخذ من الخبر المار والحمل على الأعم أتم ‏(‏غفر له بها ذنوب خمسين سنة‏)‏ يعني الصغائر الواقعة في هذه المدة ولا تدافع بينه وبين خبر الاثنى عشر السابق لأن ذلك في الكتابة وهذا في المحو وقد ورد في عظم فضل الصلاة بعد المغرب أخبار كثيرة غير ما ذكر منها خبر من صلى بعد المغرب في ليلة الجمعة ركعتين يقرأ في كل ركعة منها بفاتحة الكتاب مرة واحدة وإذا زلزلت خمس عشرة مرة هون اللّه عليه سكرات الموت وأعاذه من عذاب القبر ويسر له الجواز على الصراط قال ابن حجر‏:‏ في أماليه سنده ضعيف‏.‏

- ‏(‏ابن نصر‏)‏ في الصلاة ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب وفيه محمد بن غزوان قال في الميزان‏:‏ عن أبي زرعة‏:‏ منكر الحديث وعن ابن حبان‏:‏ يقلب الأخبار ويرفع الموقوف‏.‏

8807 - ‏(‏من صلى الضحى ثنتي عشرة ركعة بنى اللّه له قصراً في الجنة من ذهب‏)‏ قال الحافظ الزين العراقي في شرح الترمذي‏:‏ يحتمل أن يكون الضحى مفعول صلى أي صلاة الضحى وثنتي عشرة تمييز ويحتمل أن يكون مفعول صلى ثنتي عشرة وأن يكون الضحى ظرفاً أي من صلى وقت الضحى وتمسك به من جعل الضحى ثنتي عشرة ركعة وهو ما في الروضة كأصلها لكن الأصح عند الشافعية أن أكثرها ثمان ولا خلاف في أن أقلها ركعتان ووقتها من ارتفاع الشمس إلى الزوال ووقتها المختار إذا مضى ربع النهار وكان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم يصليها في بعض الأحيان ويتركها في بعض خوف أن يعتقد الناس وجوبها كما ترك المواظبة على التراويح لذلك‏.‏

- ‏(‏ت ه‏)‏ في باب صلاة الضحى ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك وذكر الترمذي في العلل أنه سأل عنه البخاري فقال‏:‏ هو من حديث غيره وقال المناوي‏:‏ ذكر النووي هذا الحديث في الأخبار الضعيفة وقال ابن حجر‏:‏ سنده ضعيف‏.‏

8808 - ‏(‏من صلى ركعتين في خلاء لا يراه إلا اللّه والملائكة كتب له براءة من النار‏)‏ في الآخرة مما يعذب به المنافق ‏[‏ص 169‏]‏ من النار أو يشهد له بأنه غير منافق فإن المنافقين إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى وهذا حالة بخلافهم ذكره الطيبي، وفيه دليل على شرف الصلاة التي تقع في السر بحيث لا يطلع عليها أحد من الناس وأنها من أرجى الصلاة وأقربها للقبول‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه ورواه عنه أيضاً أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏ والديلمي فاقتصار المصنف على ابن عساكر غير جيد‏.‏

8809 - ‏(‏من‏)‏ شرطية والمشروط ‏(‏صلى‏)‏ وجزاء الشرط قوله الآتي وهو صلى اللّه عليه بها عشراً ‏(‏عليَّ واحدة‏)‏ زاد البزار في روايته من تلقاء نفسه ‏(‏صلى اللّه عليه بها عشراً‏)‏ أي من دعا لي مرة رحمه اللّه وأقبل عليه بعطفه عشر مرات والدعاء له بالمغفرة وإن كان تحصيل الحاصل لكن حصول الأمور الجزئية قد يكون مشروطاً بشروط من جملتها الدعاء ومن ثم حرض أمته على الدعاء بالوسيلة والمراد برحمة اللّه له إعطاء الفضل بالدرجات المقدرة له في علمه وذلك لا يتعدد فذكر العشرة للمبالغة في التكثير لا لإرادة عدد محصور وفيه فضل الصلاة عليه وأنه من أجل الأعمال وأشرف الأذكار كيف وفيه موافقة على ما قال عزت قدرته ‏{‏إن اللّه وملائكته يصلون على النبي‏}‏ صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم ولو لم يكن للصلاة عليه ثواب إلا أنه يرجى بها شفاعته كما في الخبر الآتي لكان يجب على العاقل أن لا يغفل عن ذلك‏.‏

- ‏(‏حم م 3‏)‏ في الصلاة ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ واللفظ لمسلم ولم يخرجه البخاري‏.‏

8810 - ‏(‏من صلى عليَّ‏)‏ أي طلب لي من اللّه دوام التعظيم والترقي وقوله ‏(‏واحدة‏)‏ للتأكيد ‏(‏صلى اللّه عليه بها عشر صلوات‏)‏ أي رحمه وضاعف أجره بشهادة ‏{‏من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها‏}‏ قال الطيبي‏:‏ الصلاة من العبد طلب التعظيم والتبجيل لجناب المصطفى ومن اللّه على العبد إن كان بمعنى الغفران فيكون من باب المشاكلة من حيث اللفظ لا المعنى وإن كان بمعنى التعظيم فيكون من الموافقة لفظاً ومعنى وهذا هو الوجه لئلا يتكرر معنى الغفران ‏(‏وحط عنه عشر خطيئات‏)‏ جمع خطيئة وهي الذنب ‏(‏ورفع له عشر درجات‏)‏ اي رتباً عالية في الجنة وفائدة ذكره وإن كانت الحسنة بعشر أنه سبحانه لم يجعل جزاء ذكره إلا ذكره فكذا جعل جزاء ذكر نبيه ذكر من ذكره ولم يكتف بذلك بل زاده الحط والرفع المذكورين، وقال الحرالي‏:‏ إن صلاة اللّه على عباده إقباله عليهم بعطفه إخراجاً لهم من حال ظلمه إلى رفعة نور ‏{‏هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور‏}‏ فصلاته عليهم إخراجهم من ظلمات ما أوقفتهم في حوب تلك الإبتلاءات‏.‏